حياة إلى الأبَد
إن هوِيتك هي في الأبدية، ووطنك هو في السماء. فعندما تُدرك هذه الحقيقة ستكُف عن القلق ولهفة الإستحواذ على كل شيء هنا على الأرض. إن الله واضِح بخصوص خطورة الحياة هنا والآن، فإذا كان كُل ما نبتغيه هو طُرُقنا الخاصة، مُنجذبين لشهوة العالم كُلما أُتيحت الفرصة، سينتهي بنا المطاف كأعداء لله وطُرُقِهِ.
تَخَيَّل لو أن بَلَدك طلب منك أن تكون سفيراً لدى شعب عدو. رُبما سوف يكون عليك أن تتعلَّم لغة جديدة وتتأقلَم مع بعض التقاليد والإختِلافات الثقافية حتى تكون لطيفاً وتُنجز مهمتك. لن يكون بمقدورك كسفير أن تعزِل نفسك عن العدو، بل سوف يتوجب عليك أن تكون لديك علاقات تواصل معه حتى تُنجِز مهمتك.
لكن لنفترض أنك أصبحت مُستريحاً جداً في هذا البلد الغريب لدرجة أنك أحببته وفضَّلتَهُ على وطَنِك. سوف يتغير ولاؤك والتزامُك، وسوف تُساوم في دورك كسفير. وبدلاً من تمثيل بلدك، سوف تبدأ في التصرف مثل العدو. سوف تُعتبر عندئذٍ خائِناً.
يقول الكِتاب المُقدس: أيُّها الأحِباء إن هذا العالم ليس مسكِنَكُم، فلا تتمسكوا به كمكان دائم للراحة. ولا تنغمسوا في رغبات ذواتِكُم على حساب أرواحِكُم. إن الله يُحذِرنا بأن لا نرتَبط جداً بما يُحيط بنا لأنَّه زائل. فقد أخبرنا ”و الذين يستعملون هذا العالم كأنَّهُم لا يستعمِلونهُ. لأنَّ هيئة هذا العالم تزول“
إنَّهُ لخطأ فادِح أن تفترض أن هدف الله لحياتِك هو الرخاء المادي أو النجاح الجماهيري، كما يعرِفه العالم. فالحياة الغنِيَّة لا صلة لها بالوفرة المادِية.
هناك قصة قديمة شائعة عن خادم لله كان عائداً إلى بيته في أميركا على نفس السفينة مع رئيس الولايات المُتحِدة. فكانت الجموع المُبتهِجة، والفرقة العسكرية، والسجاجيد الحمراء، والأعلام كُلها تُرحب بعودة الرئيس، أما الخادِم فقد نزل من السفينة دون أن يُلاحِظُه أحد. لكنه شعر بالشفقة على الذات والإستياء فبدأ يشكو إلى الله. عندئذٍ ذكَّرَهُ الله بلُطف ”لكنك لم تصِل إلى موطِنِك بعد يا بُني“.
عندما تقسو عليك الحياة وتغرق في بحر الشكوك والهواجِس، أو عندما تتساءل إن كانت الحياة من أجل المسيح تستحق الجهد، تذكر أنك لم تصل إلى مسكِنك بعد. إنك لن تترك مسكنك عند الموت – لكنك سوف تذهب إليه.
إن الحياة على الأرض ليست سوى مُهمة مؤقة، فكيف يمكن لتلك الحقيقة أن تُغير الطريقة التي تحيا بها الآن؟